ترجمة وإعداد: جيهان باشا
أعلنت لجنة جوائز نوبل مؤخراً فوز الصحافية و الناشطة الحقوقية الإيرانية نرجس محمدي بجائزة نوبل للسلام لعام 2023، وذلك عن نضالها ضد الظلم والاضطهاد الواقع على المرأة في إيران. والجدير بالذكر أن نرجس تقضي حالياً فترة عقوبة لمدة عشر سنوات في سجن إيفين، أحد السجون سيئة السمعة في طهران، بعد أن ألقي القبض عليها ثلاث عشرة مرة وتم إدانتها خمس مرات وحكم عليها بالسجن لدة 31 عاماً.
ورغم ذلك فإن نشاط نرجس لم يتوقف، فقد استمرت في توجيه رسائل الاحتجاج من محبسها منددة بالانتهاكات الجنسية والجسدية التي تتعرض لها السجينات الإيرانيات. ورغم معاناتها في السجن، حتى أنها لم تتمكن من رؤية أبنائها لمدة سبع سنوات، إلا أنها أعلنت عقب الفوز بجائزة نوبل أن الجائزة ستجعلها أكثر قوة وتصميماً على مواصلة معركتها ضد قمع النساء في إيران.
هذا وقد ردت إيران على قرار اللجنة بفوز نرجس بالجائزة باتهام اللجنة بالتدخل في الشأن الإيراني، كما أدانت وزارة الخارجية الإيرانية القرار الذي ينحاز، حسب زعمهم، للدول المناهضة للسياسة الإيرانية.
وفي مراسم الإعلان عن الجوائز في أوسلو بدأت بيريت ريس أندرسن رئيسة لجنة نوبل كلمتها بشعار “المرأة – الحياة- الحرية” وهو شعار التظاهرات التي اجتاحت إيران مؤخراً. واعتبرت ريس أندرسن تلك الجائزة اعترافاً وتكريماً لمئات الألاف من المتظاهرين على مدار العام الماضي ضد سياسات الدولة الإيرانية والتي تتسم بالقمع والعنف ضد المرأة وكيف كانت نرجس في قيادة تلك الاحتجاجات.
كما يعد فوز نرجس رسالة إلى إيران برفض تلك السياسات على الصعيد الدولي، وناشدت اللجنة الحكومة الإيرانية بضرورة إطلاق سراح نرجس لتتمكن من حضور مراسم استلام الجائزة في كانون الأول / ديسمبر المقبل، هذا وقد أعلنت الأمم المتحدة أن الجائزة تلقي الضوء على شجاعة وإصرار المرأة الإيرانية والتي تحولت إلى مصدر إلهام للعالم أجمع.
شرطة الأخلاق أيضاً
ويتزامن هذا الفوز التاريخي مع حادثة جديدة من حوادث العنف الموجه للنساء في إيران، حيث ظهرت شرطة الأخلاق من جديد في شوارع إيران بعد أن اتهم نشطاء حقوقيون أفراد الشرطة بالتعدي بالضرب على فتاة تدعى أرميتا جيرافاند، تبلغ من العمر16 عاماً لركوبها المترو في طهران بدون ارتداء الحجاب، والذي يعد إجبارياً لفتيات ونساء إيران. وانتشرت فيديوهات للفتاة مغشياً عليها عند إخراجها من عربة المترو، وتواردت الأنباء عن خضوعها للعلاج في إحدى المستشفيات تحت حراسة أمنية مشددة. وقد أعلن ناشطون أن والدي أرميتا قد أجروا مقابلة مع وكالة إخبارية في حضور مسؤول أمني رفيع المستوى، حيث أدليا فيها بتصريح عن كون ما حدث لابنتهما مجرد حادث، وأنها ربما تكون قد تعرضت لانخفاض في ضغط الدم أدى لفقدانها الوعي. هذا وقد أشار رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن كاميرات المراقبة أظهرت فقط لقطات لرصيف المحطة في حين لم يتم ظهور لقطات داخل عربة المترو أو في مداخل المحطة، حيث يتم التحقق من ارتداء النساء والفتيات للحجاب.
ذكرى مهسا أميني
وتستدعي حادثة أميتا ذكرى مقتل مهسا أميني في سبتمبر 2022، وهي الفتاة الكردية الإيرانية التي تم احتجازها وضربها حتى الموت على أيدي أفراد ما يعرف بشرطة الأخلاق في إيران، وذلك لعدم ارتدائها الحجاب بالصورة التي تروج لها السلطة، وقد تسببت تلك الحادثة في قيام احتجاجات شعبية ضخمة تعاملت معها قوى الأمن بالعنف الشديد، الأمر الذي أدى إلى مقتل المئات واحتجاز الآلاف من المتظاهرين. واحتفل آلاف الأشخاص حول العالم بالذكرى الأولى لمقتل مهسا وغيرها من المتظاهرين الذين لقوا حتفهم في التظاهرات جراء العنف من قبل القوات الأمنية، هذا وقد منعت السلطات الإيرانية عائلة مهسا من إحياء ذكراها سواء عند قبرها أو في منزل العائلة خوفاً من اندلاع احتجاجات جديدة، ورغم أن السلطات الإيرانية اعتادت استخدام القوة المفرطة تجاه المعارضين إلا أن منع العائلات من إحياء ذكرى الضحايا يعد أمرا غير مسبوق.
والجدير بالذكر أن شرطة الأخلاق في إيران كانت قد انسحبت من شوارع طهران إثر مقتل مهسا العام الماضي غير أنهم عاودوا الظهور منذ أشهر قليلة، وقد تسببت عودتهم في احتدام احتجاجات شعبية جديدة. ورغم ادعاء النظام الإيراني أنهم عادوا بمنهاج يتسم ببعض المرونة في التعامل مع مشكلة زي المرأة، إلا أن مشروع قانون “الحجاب والعفة” الذي أقره البرلمان الإيراني في أيلول / سبتمبر الماضي على أن تتم تجربته لمدة تتراح من ثلاث إلى خمس سنوات يؤكد أن ادعاءات الحكومة ماهي إلا حيلة جديدة لامتصاص غضب الشارع وتجنب التظاهرات. و ينص مشروع القانون على تشديد العقوبات على غير الملتزمات بالحجاب، وتمتد العقوبات لتنال أصحاب الأعمال الذين يقومون بتقديم الخدمات للنساء اللاتي لا يرتدين الحجاب والناشطين الذين يقومون بتنظيم وقفات احتجاجية ضد الحجاب، و فد تصل تلك العقوبة إلى السجن لمدة عشر سنوات.
ورغم تلك التصعيدات من جانب الحكومة الإيرانية يؤكد الكثيرون أنه حتى مع عودة شرطة الأخلاق وإقرار مشروع قانون الحجاب والعفة، فإن إصرار السلطات فرض الحجاب على النساء والفتيات لن يحقق النتيجة المرجوة بعد أن تصاعدت وتيرة الغضب في المجتمع الإيراني وبدأت الكثير من النساء في خلع الحجاب بل وحرقه في العلن. وحذرت جريدة هاميهان الإصلاحية أن المواجهات بين شرطة الأخلاق والشعب الإيراني قد تقود إلى فوضى ربما يصعب السيطرة عليها. كما أشارت عازار منصوري، السياسية الإصلاحية، إلى أن استئناف نشاط شرطة الأخلاق من شأنه أن يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الشعب والدولة.
المصدر:
https://www.bbc.com/news/world-middle-east-67026216
لقراءة المقال بالإنكليزية يرجى الضغط هنا