نساء السويداء “يحملن آمال السوريات” في مقدمة الاحتجاجات

ضياء عودة| الحرة

لم تقتصر المشاركة في الاحتجاجات التي تشهدها السويداء السورية منذ انطلاقها قبل خمسة أيام على فئة دون غيرها بل تميزت بانخراط جميع الفئات حسب ما يقول صحفيون ومراقبون لموقع “الحرة”، واللافت فيها أيضا الدور الذي تلعبه النساء وأصواتهن التي تعلو وتطالب بـ”إسقاط النظام السوري والحرية والكرامة”.

وقبل يومين أظهر تسجيل مصور نشرته شبكات محلية شابة في مقتبل العمر تتقدم مجموعة من الرجال وتقول: “الحراك الشعبي جدد تاريخ الثورة ومطالب كل السوريين”، مضيفة بصوتٍ عالٍ: “مطالبنا مش كهرباء ولا ماء. مطالبنا سياسية ونحنا مش جوعانين”.

ولاقت كلمات الشابة التي تنحدر من بلدة ملح في ريف السويداء الجنوبي تفاعلا بين أوساط السوريين، في وقت طالبت أيضا بـ”الكرامة والحرية”، وانتقدت سلوك النظام السوري، بقولها: “إلهن 12 سنة عم يشبحوا علينا. بكفي”.

وفي غضون ذلك وثق تسجيل آخر نشرته شبكة “السويداء 24” المحلية، يوم الجمعة، مشاركة نسائية كبيرة في المظاهرات التي شهدتها ساحة “السير” وسط المدينة، إذ رددت مجموعة منهن إلى جانب الرجال وعلى وقع الهتافات المناهضة للنظام السوري عبارة: “بشار الأسد ما بدنا ياك”.

وما تزال الاحتجاجات الشعبية في المحافظة ذات الغالبية الدرزية متواصلة لليوم السادس على التوالي، دون أن يدلي النظام السوري بأي تعليق حيال ما يطلقه المحتجون من مطالب تنادي بإسقاطه تارة، وبتطبيق قرارات الحل السياسي الأممية تارة أخرى.

“مشاركتهن حياة”

الصحفية السورية بيسان أبو علي إحدى الشابات اللاتي حرصن على المشاركة في الاحتجاجات الشعبية في المحافظة منذ يومها الأول، وبينما تقول إن “المشاركة النسائية اللافتة والكبيرة ليست بالشيء الغريب على السويداء”، ترى أنها “تعطي زخما أكبر لحراك الشارع، وتعطيه حياة”.

وتقول أبو علي لموقع “الحرة”: “نساء السويداء منذ الثورة السورية الكبرى كن يشاركن ويساعدن الثوار على نقل المؤن والرسائل وإلى الآن ما يزال دورهن فعلي في الحراك”.

“في مجتمع المحافظة هناك تمكين فعلي للمرأة”، وتضيف الصحفية أن “النساء يشكلن 65 بالمئة من المجتمع، وبالتالي تغييبها عن الحراك يعني تغييب نصف المجتمع”.

لا تنحصر المشاركة النسائية على امرأة دون غيرها، فالحضور في الشارع يشمل ربة المنزل والعاملة في الوظائف الحكومية والسياسية المعارضة والشابات في مقتبل العمر.

وتشير أبو علي إلى أن “نسبة المشاركات في الحراك تقدر بنسبة 40 بالمئة من الحراك ويزداد عدد النساء يوما بعد يوم”.

وتوضح الناشطة النسوية السورية، ريما فليحان أن “المشاركة النسائية والواسعة تأتي للتعبير عن مواطنتهن، فهن جزء أساسي من هذا الشعب والمعاناة تقع مضاعفة عليهن في سوريا”.

وتقول فليحان لموقع “الحرة”: “مشاركة النساء الواسعة هي مشاركة تعبر عن المواطنة وإرادة التغيير للخلاص من النظام القمعي نحو الحرية. هي فرصة لكل المجتمع من أجل تحصيل الحقوق والحريات”.

الأمهات مع أبنائهن

ويردد المحتجون في الساحات المركزية بالسويداء وفي ساحات أخرى بالقرى والبلدات المحيطة بالمحافظة شعارات بمطالب معيشية وسياسية. ورغم أن الحراك الأكبر من نوعه في الجنوب منذ 2011 انطلق بدوافع اقتصادية، إلا أن السمة التي باتت تميزه هي “هتافات إسقاط النظام السوري ورئيسه الأسد”.

وعلى مدى اليومين الماضيين شهد الحراك الشعبي مشاركة من جانب رجالات الدين الكبار، وهم شيوخ العقل الثلاث، يوسف الجربوع وحكمت الهجري وحمود الحناوي.

و”مشيخة العقل” في السويداء هي عبارة عن هيئة روحية وزعامة دينية متوارثة، ومنذ العهد العثماني كان هناك 3 شيوخ عقل يتصدرون رأس الهرم في الطائفة الدرزية.

وجاء ذلك في وقت صعّد المحتجون من مطالبهم، وبالتزامن مع ازدياد أعدادهم يوما بعد يوما، وصولا إلى تسجيل مشاركة جميع الفئات والطبقات.

وتتحدث الصحفية أبو علي المشاركة في الاحتجاجات والمطلعة على ما ينادي به الشارع أنها رأت خلال الأيام الماضية “كيف أقدمت نساء على أخذ أبنائهن معهن إلى ساحات التظاهر”.

وتقول: “الكثير منهن حمّلن أبناءهن اللافتات ودعونهم للمشاركة في الهتاف. هذا الأمر يعكس نظرة حضارية للخارج على أننا مجتمع موحد لا نحمل أي عقد أو تفرقة بين جنس وآخر. ولا حتى بين أبيض وأسود وموال ومعارض”.

“التوحيد هو أهم شيء يميز الاحتجاجات الشعبية، ووجود النساء وزغاريدهن وأصواتهن هي توحيد لهذا الحراك. هي تولد الحياة فيه”.

وتشير الصحفية إلى أنه وفي السنوات السابقة كانت “المرأة الركن الأساسي في المظاهرات”، وكذلك الأمر اليوم. “رأيت أزواج وزوجات وأطفالهن سوية في ساحات التظاهر.. هذا المشهد يعطي زخما للاحتجاجات الشعبية”، بحسب ما تقول أبو علي.

وترى الناشطة النسوية فليحان أن “نساء السويداء تشاركن بدورهن وتحملن آمال السوريات”.

وتضيف أن “أي تغيير في النظام يحب أن يكون نحو دولة مواطنة يتساوى فيها الجميع دون أي تمييز”.

وإلى جانب السويداء شهدت عدة مناطق في محافظة درعا، يوم، الجمعة، احتجاجات شعبية نادت بإسقاط النظام السوري، وردد المحتجون شعارات “تناصر ما بدأته المحافظة ذات الغالبية الدرزية”.

والسويداء ودرعا خاضعتان لسيطرة النظام السوري، وتعتبر الاحتجاجات فيها “حالة استثنائية” قياسا بباقي المحافظات الأخرى التي يسيطر عليها الأخير.

كما خرجت مظاهرات شعبية في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في شمال سوريا، في إدلب وريف حلب، وفي الرقة ودير الزور في شرقي البلاد.

شاركنَ المنشور