تبرز أهميّة رؤية النساء السوريّات لشكل الحكم في سوريا المستقبل، حول العلاقة بين المركز والأطراف، وتوزيع الصلاحيّات بينهما، نظراً لارتباطه بالإصلاح السياسيّ وشكل الدولة، وتضمين الدستور العلاقة بين السلطات الحكوميّة المركزيّة والمحليّات. كما تشير الدراسات، إلى أنّ المزيد من اللامركزيّة، مرتبط بارتفاع التمثيل السياسيّ، وتنمية المناطق المهمّشة. إلا أنّ الممارسة الفعليّة لعمليّة نقل السلطة أو تفويضها، تحدّد إلى حدّ كبير جهة اتخاذ القرار، إن كان في موضوع الإنفاق أو الجباية، التعيين أو الفصل لكبار الموظفين، وتفاصيل أخرى على قدر كبير من الأهميّة.
تعدّ سوريا قبل 2011، دولة شديدة المركزيّة السياسيّة والاقتصاديّة والإداريّة. وعلى الرغم من إصدار قانون الإدارة المحليّة لعام 2011، ونصّ دستور 2012 على اللامركزيّة، فما زالت الممارسات محكومة بمركزيّة القرار.
نظراً لأهمية التحضير، والاستعداد لطرح شكل الحكم في سوريا المستقبل، أصدرت الحركة السياسيّة النسويّة السوريّة ورقة سياساتية بعنوان: “شكل الدولة السوريّة، ورؤية النساء السوريّات حول العلاقة بين المركز والأطراف”، وذلك بعد أن قامت بعقد 12 جلسة نقاش مركّزة، مع نساء سوريّات داخل سوريا في آب 2022، ضمن مناطق سيطرة النظام السوريّ، والمعارضة السوريّة، والإدارة الذاتيّة. شملت هذه الجلسات مشاركات من خلفيّات ثقافيّة ودينيّة وإثنيّة متنوّعة، وكان لدى العديد منهن تجارب سابقة مع الإدارات والمجالس المحليّة في مختلف المناطق.
وغطّت النقاشات موضوع شكل إدارة الدولة، من ناحية مسؤوليّات الحكومة المركزيّة وصلاحيّاتها، والسلطات المحليّة في الأطراف. كما أنّ جلسات النقاش، لم تتناول محوراً أو موضوعاً محدّداً بشكل تفصيليّ، بل كان لها طابع استكشافيّ، لتحديد المعالم العامّة المبدئيّة لمستقبل سوريا، حسب رؤية النساء.