كيف يتعامل القانون المصري مع الأجنبيات المتزوجات من مصريين؟

سهاد الخضري / روزنة

تزوجت رنا شركس وهي طبيبة سورية عام 2004 في المملكة العربية السعودية من شاب مصري الجنسية لمدة 15 عاماً ورزقت منه بـ 4 أبناء. وعلى مدار السنوات الخمس عشرة ظل الزوج يماطل في استكمال الأوراق، في وقت كانت تتولى فيه رنا مسؤولية الإنفاق على أبنائها، حتى وصل الأمر بينهما لطريق مسدود و تقرر الانفصال عنه ودياً.

تحكى رنا لـ”راديو روزنة” تفاصيل قصتها قائلةً: في عام 2010 طلبت من زوجي الطلاق ودياً بعد استحالة العشرة بيننا رغم موافقته في بادئ الأمر إلَا أنه ماطل في الطلاق بسبب رغبته في عدم دفع مؤخر الزواج”، وتضيف “فوجئت به يرفع دعوى نشوز ضدي وذلك خلال فترة عملي بالمملكة العربية السعودية بدعوى عدم تأهلي لرعاية أبنائنا الأربعة وانشغالي بالعمل رغم أنهم بصحبتي منذ زواجنا في عام 2004”.

قبل صدور الحكم، كانت رنا قد انتقلت بصحبة أبنائها إلى ماليزيا لتؤسس حياة جديدة لها ولأبنائها وبدعم والدها، لم تجد رنا مفراً إلا رفع دعوى خلع ضد زوجها أمام القضاء المصري لتحصل على حكم بخلعه في 2018.

لا يفرق القانون المصري بين المرأة المصرية والأجنبية في النظر بدعاوى الطلاق أو الخلع، لكن هناك حقوق أخرى لا تحصل عليها المرأة الأجنبية في حال تزوجت من مصري، وكانت لاجئة مقيمة في مصر لا يطبق عليها قانون  بلدها.

فلا يحق للأجنبية التقدم للحصول على الجنسية المصرية، إلا بموافقة زوجها وذلك بحسب أشرف روكسي محام متخصص في النظر قضايا اللاجئين.

ويشترط القانون المصري لمنح الجنسية المصري للسيدة الأجنبية المتزوجة من رجل مصري، مرور 5 سنوات على الزواج والإقامة في البلد لنيل جنسية الدولة.

ويُلزم القانون الزوجة الأجنبية غير الحاملة للإقامة المصرية الراغبة في مقاضاة زوجها بدعاوى طلاق أو نفقة حضورها بشخصها لمتابعة جلسات التقاضي، وهو الأمر الذي يستغرق سنوات أمام ساحات القضاء، ما يكلفها مبالغ طائلة لتحصل فيما بعد على ملاليم كنفقة زوجية من طليقها مما يمثل عبئاً على المرأة الأجنبية سواءً كانت سورية أم حاملة لأي جنسية أخرى.

تعددت أسباب رنا في طلبها للطلاق، وتقول: “طوال فترة زواجي كنت المسؤولة عن مصاريف المنزل، بينما كان يقوم بتحويل راتبه لعائلته في مصر، وهو أحد أهم أسباب قرار الانفصال عنه، علاوة على ارتباطه بأمرأة أخرى بينما أنا لا زلت على ذمته.

الزوجات الأجنبيات يحاكمن بالقانون المصري

أشرف ميلاد روكسي المحامي والباحث في قضايا اللاجئين، تابع العديد من قضايا الطلاق التي رفعتها سيدات سوريات وأجنبيات، يقول لـ”راديو روزنة” تكمن المشكلة الوحيدة في تحفظ مصر على البند الخاص بـ لجوء اللاجئ لقانون بلده أمام القضاء المصري، فمثلاً القانون السوداني ينص على أحقية طلب الزوجة الطلاق لهجر زوجها إذا مر عام واحد، بينما ينص القانون المصري على ضرورة مضي ثلاث سنوات وحال لجوء اللاجئة السودانية المقيمة في مصر للقضاء يحكم لها بقانون الأحوال الشخصية الوطني المصري لكونها لاجئة وهو ما يطبق على كافة الجنسيات حال كانوا لاجئين”.

 ويشير المحامي إلى اشتراط القانون الوطني المصري تقدم الزوج بأوراق الزوجة للجهات المختصة للحصول على الجنسية المصرية وذلك بعد مرور مدة زمنية محددة على زواجهم بشرط إقامتها في مصر،  ولا يحق لها  التقدم بذاتها  للحصول على الجنسية، أو في حال كانت الإقامة خلال فترة الزواج في بلد آخر، فوجود الزوج واستمرار العلاقة الزوجية شرط أساسي.

يشترط القانون المصري بحسب أشرف روكسي الباحث والمحامي المتخصص في قضايا اللاجئين على حصول  الأطفال على جنسية والدهم المصري بعد ولادتهم مباشرة، كما يشترط القانون المصري والدولي على عدم حصول الأجنبي على جنسية أي دولة إلا لو كان مقيم بها.

ولا يحق للأجنبية إقامة دعوى قضائية ضد زوجها المصري إلا بعد حصولها على الإقامة لتتمكن من توكيل محام للترافع عنها وفي حال عدم حصولها على الإقامة يشترط توجهها بصحبة محاميها  للجهات القضائية لرفع الدعوى، حيث لا يحق له التحرك بمفرده لاتخاذ إجراء قانوني نيابةً عنها.

كشفت دراسة إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن زواج 24.8 ألف مصري من سيدات  غير مصريات منهم 12220 ألف حالة تزوجوا من عربيات و12589 تزوجوا من أجنبيات “غير عربيات” ما بين عامي 2013 و 2017.

يأتي ذلك في الوقت الذي كشف بيان للمنظمة الدولية للهجرة عدد المهاجرين الدوليين في مصر عام 2022 بـ 9,012,582 مهاجراً من 133 دولة، أي ما يعادل 8.7% من السكان المصريين  البالغ تعدادهم حينذاك 103.655.989، احتلت الجالية السورية المرتبة الثانية بـ1.5 مليون مهاجراً.

بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر “جهة رسمية ” احتلت الزوجة السورية المرتبة الأولى  بين عقود زواج المصريين بنساء عربيات بـ 472 عقداً عام 2017، فيما احتلت الفلسطينيات المرتبة الثانية بـ 347 عقد لتحتل الأردنيات المرتبة الثالثة بـ 117 عقداً للعام ذاته.

التعقيدات لا تنتهي بوقوع الطلاق

بحسب رنا، تواجه الأجنبية تعقيدات بعد الطلاق أو الخلع حال أرادت استخراج شهادة قيد عائلي من الجهات المختصة المصرية أو أقامت دعوى نفقة وكسبتها، حيث يشترط استلامها من طرف مقدم الطلب حصراً، ولا يسمح لمحام موكل عنها.

طليق رنا خسر قضية النشوز ضدها، لكنها بالمقابل خسرت عقد عملها في السعودية بسبب القضية.

تقول رنا، لو كنت حاملة للجنسية المصرية لأصطحبت أبنائي وعاشوا ببلدهم وتعلموا بها بتكلفة أقل مما أتحمله حالياً، مشيرةً إلى أن بعض المصريين تزوجوا بأجنبيات، ووثقوا الزواج في بلد الإقامة دون توثيقه في مصر وهو ما يسقط حقهم  في التمتع بحقوق المصريين لعدم قيدهم في بلد الأب، وتضيف تعرفت إلى  زوجات فوجئن  بذلك بعد طلاقهن من أزواجهن ومما أفقدهن حقوقهن هن وأبنائهن، وتعتبر رنا اشتراط موافقة الزوج على تقديم طلب لجوء زوجته وأبنائه يشكل أزمة، بخاصة إذا تغيب الأب لسبب ما.

من جهتها، تقول هبة عادل رئيس مجلس منظمة محاميات مصريات لحقوق المرأة  في حديثها لـ”راديو روزنة ” إن القانون المصري لا يفرق بشكل واضح وصريح فيما يخص جنسية الزوجة، لكن من حقها إن كانت غير مصرية الاستفادة من قوانين بلدها حال كانت توفر لها حماية إضافية.

وعن حقوق الأجنبية المتزوجة من مصري يشترط القانون أن يحرر عقد الزواج وفقا للقانون المصري لينشأ عنه الحقوق ذاتها للزوجة بغض النظر عن جنسيتها فلها الحق في المطالبة بالنفقة وحضانة الأطفال وأي إجراءات سواءً كانت مباشرة أم غير مباشرة بعقد الزواج.

مأساة أخرى عاشتها رنا الرفاعي، سورية الجنسية، حيث تزوجت من مصري قبل  10 سنوات تقريباً وأنجبت منه ابنها الوحيد عبد الرحمن منذر.

رنا أطلقت حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتقدمت ببلاغات رسمية ورفعت دعوى قضائية ضد والد طفلها اتهمته بخطف طفلهم خلال فترة الحضانة بمساعدة أقاربه والسفر به خارج مصر في وقت يعاني الطفل من ظروف صحية صعبة ممثلة في اضطراب تشتت انتباه وتأخر لغوي بسيط ويخضع للعلاج الدوائي لتحسين الانتباه والنطق.

 قالت الأم في منشور لها: “حالة طفلي صعبة ويخضع لجلسات تخاطب أسبوعياً ولا يقبل اقتراب أحد منه غير والدته حتى خلال فترة دراسته قبل هروب والده به إلى اسطنبول كان يجد صعوبة في التعلم، وكانت أمه هي المسؤولة عن اصطحابه للمدرسة حيث كان يدرس في مدرسة تملكها جدته والدة أبيه”.

تضيف رنا “طفلي في أشد الاحتياج لي تم اختطافه مني كلي ذراع لحين لإجباري عن التنازل عن القضايا المرفوعة مني ضد زوجي لهجرته منذ ما يزيد عن 7 سنوات دون نفقات، واتجهت  للتنازل بالفعل في سبيل إعادة طفلي ورغم ذلك لم يعيده لي، وحصلت الأم على حكم قضائي من القضاء المصري يلزم والد طفلها بإعادته لوالدته لكن رغم ذلك لم ينفذ حكم القضاء ولا يزال خارج البلاد”.

بحسب هبة عادل يحق للأجنبية المتزوجة من مصري توثيق عقد زواجها في مصر حال تمت الزيجة في الخارج،  كما يحق لها إقامة دعاوى النفقة والحضانة أمام القضاء المصري، و لكن أن تمت الزيجة في إحدى الدول التي يفرض قانونها صلاحيات غير منصوص عليها في القانون الوطني أو تتعارض معه لا يعتد بها وذلك عملاً بسيادة القانون الوطني، الذي يعد محل تطبيق في أي نزاعات منظورة أمام الهيئات القضائية المصرية.

وأشارت هبة إلى أنه حال حصول الزوجة على الجنسية المصرية خلال فترة الزواج وطلقت فيما بعد لا تسقط الجنسية بانقضاء عقد الزواج وذلك بموجب طلب يقدم لوزارة الداخلية المصرية دون التقيد برفع دعوى قضائية طالما استوفت الشروط و الأوراق المطلوبة، ويحق لها التقدم بدعوى قضائية للحصول على الجنسية  حال رفضت وزارة الداخلية الطلب المقدم من الزوجة بالتجنس بالجنسية المصرية.

وفقا للقانون المصري يحق لغير المصرية المتزوجة من مصري اكتساب الجنسية  مع احتفاظها بجنسيتها الأصلية وذلك بعد إتخاذ الإجراءات التالية:

  • التقدم بطلب يفيد رغبتها في نيل الجنسية المصرية مقرون بموافقة الزوج.
  • تقديم المستندات المطلوبة للجهات المختصة وتشمل:
  •  شهادة ميلاد الزوج.
  •   شهادة ميلاد والد الزوج لإثبات أن الجد مصري الجنسية.
  •  وثيقة زواج مصرية، حال توفر عقد زواج أجنبي مصدق من السفارة المصرية.
  • جواز سفر مصري للزوج.
  • جواز سفر الزوجة.
  • إقرار كتابي موقع من الزوج يفيد رغبته في اكتساب زوجته الجنسية المصرية وأن الزواج ما زال مستمراً بينهما.
  • 5 صور فوتوغرافية للزوجة وصورة للزوج.
  • يشترط حضور الزوجين لتقديم طلب منح الجنسية المصرية للزوجة.
  • تقديم الزوج إقراراً رسمياً كل 6 أشهر يفيد استمرار العلاقة الزوجية ورغبته في حصول زوجته على الجنسية، مع تحديد الرسوم المقررة من قبل مصلحة وثائق السفر والهجرة بوزارة الداخلية، ويستغرق اكتساب الزوجة للجنسية عامين من تاريخ تقديم الطلب واستيفاء الأوراق المطلوبة.
  • ترسل المصلحة شهادة جنسية الزوجة للقنصلية والتي تسلمها بدورها لصاحبة الشأن.
شاركنَ المنشور