تغيّر المناخ يؤدي إلى تفاقم العنف ضد النساء والفتيات

نعيد نشر هذا التقرير الذي صدر عن الأمم المتحدة في تموز 2022 وذلك بسبب استمرار تفاقم الوضع البيئي

تشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن 80 في المائة من المشرّدين بسبب تغير المناخ هم من النساء.

وعندما تتشرد النساء، يمسين أكثر عرضة للعنف، بما في ذلك العنف الجنسي، بحسب ما أكّدته مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت.

فقالت: “بينما تنام النساء أو يغتسلن أو يستحممن أو يرتدين الملابس في المآوي أو الخيام أو المخيمات، يتحول خطر تعرضهن للعنف الجنسي إلى واقع مأساوي في حياتهن كمهاجرات أو لاجئات. ويؤدّي كلٌّ من الإتجار بالبشر وزواج الأطفال والزواج المبكر والقسري، الذي تتحمله النساء والفتيات المتنقلات، إلى تضاعف هذا الخطر المحدق بهنّ.

وقد شاركت باشيليت في حلقة نقاش تناولت الترابط بين تغير المناخ والعنف ضد النساء والفتيات عبر عدسة حقوق الإنسان، وانعقدت ضمن إطار الدورة الـ50 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف بسويسرا. وأدارت حلقة النقاش المقرّرة الخاصة المعنيّة بالعنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه، ريم السلام.

أما المستشارة المستقلة المعنية بحقوق الإنسان وتغير المناخ أستريد بوينتس ريانيو، فقد أشارت من جهتها إلى أنّ الهجرة والتشريد القسري من بين أخطر آثار أزمة المناخ التي تنعكس سلبًا أصلاً على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم.

وقالت: “يفيد عدد من التقارير بتعرّض المهاجرات للعنف الجنسي أثناء وجودهن تحت حماية السلطات، وعند الإبلاغ عن هذه الحالات يتم سجنهن بدلاً من حمايتهن.”

النساء والفتيات العاملات في قطاع الزراعة يواجهن العديد من التهديدات

تبلغ إزميرالدا* من العمر 15 عامًا وهي من بيرو ومندوبة وطنية للحركة الوطنية للأطفال والمراهقين العاملين المنظمين في بيرو. وعائلتها من المزارعين الذين اعتادوا التعايش مع آثار تغير المناخ يوميًا.

واوضحت قائلة: “لم تعد الزراعة الأسرية كما كانت عليه في السابق. فقد انخفض مستوى إنتاجنا وتمّ استبداله بشركات كبيرة تستخدم الأسمدة السامة. كما يتسبب تغير المناخ بالصقيع والتغيرات الجذرية الأخرى في درجات الحرارة، ما يدفع النساء والفتيات إلى الكدح والكدّ من أجل الحصول على دخل وموارد لأسرهن.”

وأكّدت إزميرالدا أنّ ندرة مياه الشرب أجبرت النساء والفتيات على البحث عن المياه في الأنهر أو في أعماق الغابات، ما يزيد من خطر تعرضهنّ للعنف الجنسي. وأضافت أنه في مناطق قطع الأشجار بطريقة غير قانونية، تشكل النساء والفتيات الهدف الرئيسي للجماعات الإجرامية، وقد تمّ فقدان العديد من النساء والفتيات في هذا السياق.

فقالت: “تتعرض النساء والفتيات لآثار تغير المناخ بشكل غير متكافئ على مستوى العالم كلّه، وغالبًا ما يُترَكن خارج المدرسة أو غير قادرات على العمل. كما يعتمد العديد من النساء والفتيات على شركائهن، ما يزيد من خطر العنف الاقتصادي والجسدي والنفسي.”

وقصّة إزميرالدا ليست بفريدة من نوعها. فوفقًا لمنظمة إنقاذ الطفولة، تشكل النساء والفتيات أكثر من 40 في المائة من القوة العاملة في قطاع الزراعة، وهن مسؤولات عن إنتاج كمية تتراوح بين 60 و80 في المائة من المنتجات الغذائية.

وأوضح كبير المستشارين التقنيين الإقليميين ومنسق شؤون تغير المناخ وفقر الأطفال في آسيا والمحيط الهادئ في منظمة إنقاذ الطفولة رجيب غسل، قائلاً: “على الرغم من دور النساء والفتيات الحيوي في الاقتصادات الريفية، فإن مَن يعيش منهنّ في المناطق الريفية يتأثر في الكثير من الأحيان بشكل مضاعف بالتمييز والاستغلال والعنف الجنساني. وتؤدي الأزمة البيئية إلى تفاقم أنماط التمييز والعنف القائمة أصلاً ضد النساء والفتيات.”

الدفاع عن البيئة رحلة محفوفة بالخطر

أعلنت باشيليت من جهتها أنّ المدافعات عن حقوق الإنسان البيئية اللواتي يعملن لحماية الأرض والمياه والطبيعة والمجتمعات المحلية يعرضن حياتهن للخطر.

حيث يتم تجريمهنّ وإسكاتهنّ. وتهديدهنّ ووصمهنّ بالعار. وهنّ أكثر عرضة للعنف الجنساني. لا بل للقتل في الكثير من الأحيان.

ميشيل باشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

وأكّدت باشيليت أنّه تم توثيق حوالى 1,698 حالة عنف ضد المدافعات عن حقوق الإنسان في المكسيك وأميركا الوسطى بين العامين 2016 و2019.

ووفقًا لميلانيا تشيبوندا، وهي المستشارة المعنية بالعدل المناخي والمساواة بين الجنسين في الشبكة النسائية الأفريقية للتنمية والاتصالات، وهي شبكة أفريقية قائمة على العضوية مقرها في نيروبي، فقد تفاقمت الاعتداءات على المدافعات عن الأرض والبيئة بسبب تغيّر المناخ وجائحة كوفيد-19.

فقالت: “تقع الحوادث من دون أن يلاحظها أحد كما لا يتم الإبلاغ عنها، وفي حال تم الإبلاغ عنها لا يُعاقَب الجناة. وعندما تقوم المرأة لتتحدى التدمير البيئي والتلوث ونزع الملكية، فإنها تتخلى عن أدوارها التقليدية كي تتحدى السلطة الظالمة التي تُمسِك بالمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكنّ المجتمع يردّ عليها بالانتقام منها وبممارسة العنف ضدّها.”

حماية النساء والفتيات من العنف

قدمت باشيليت توصيات حول كيفية منع العنف ضد النساء والفتيات الناتج عن تغير المناخ والقضاء عليه، بما في ذلك الاعتراف بأن تغير المناخ والعنف ضد المرأة مرتبطان ارتباطًا جوهريًا ببعضهما البعض.

فقالت: “علينا شمل الجميع من دون أي استثناء، بما في ذلك النساء من الشعوب الأصلية ومن المنحدرين من أصل أفريقي ومن الروما ومن الأقليات الدينية ومن ذوات الإعاقة ومن المثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهويّة الجنسانية وأحرار الهوية والميول الجنسية وحاملات صفات الجنسَيْن وأفراد الفئات الجنسية الأخرى.”

وأضافت أن الدول بحاجة إلى تمكين المرأة من أجل التأهب للكوارث وتوفير وسائل بديلة لكسب العيش عندما تواجه أزمة مناخية. وشدّدت باشيليت أيضًا على أنه ينبغي للدول أن تحاسب الجناة من دون أن يتمكّن مرتكبو العنف الجنساني من الإفلات من العقاب، وأن تتخذ خطوات عاجلة لفرض احترام النساء والفتيات وحمايتهن.

وذكّرت أنّ المرأة تحتاج إلى المشاركة مشاركةً كاملة ومتساوية في قضايا المناخ وأن تنخرط في قيادتها.

فقالت: “نحن بحاجة إلى أصواتهن وقيادتهن كي يوجّهننا نحو الطريق الصحيح.”

*لم يتم ذكر العائلة/ الكنية كإجراء لحماية الهوية.

شاركنَ المنشور