الفقر

سوريون ينعون طفلة في طرطوس: “بلشنا نموت من الجوع”

إيمان حمراوي| روزنة

إسبوعان قضتهما الفتاة زينب (15 عاماً) متنقّلة بين غرف العناية المشددة في مستشفيين بطرطوس والعاصمة دمشق، لم يكفلا أن تعود إلى وعيها، لتفارق الحياة، إثر وعكة صحية نتيجة انخفاض سكر حاد وسوء تغذية، ذلك في ظل تصنيف سوريا من أعلى بلدان العالم انعداماً للأمن الغذائي.

وفارقت زينب الحياة، أمس الإثنين، في مستشفى الأسد الجامعي، بعد أسبوع على نقلها إليه من مستشفى الباسل بطرطوس، وفق صحيفة “الوطن” المحلية.

تعرّضت الفتاة  قبل أسبوعين في قرية حصين البحر بريف طرطوس، لوعكة صحية مفاجئة أُسعفت على إثرها إلى مستشفى الباسل وبقيت في العناية المشددة فيه لمدة أسبوع، دون فائدة ترجى.

أحد الأطباء في مستشفى الباسل قال إن زينب تعاني من التهابات وانخفاض السكر بشكل حاد، وهو ما أدى إلى الوفاة.

مناشدات عديدة على وسائل التواصل الاجتماعي طالبت بدعم الفتاة مادياً من أجل علاجها لتعود مجدداً إلى الحياة بعد فقدانها وعيها، وهو ما تم.

المعلم علي ديب، نشر في الـ 13 من آذار نداءً عاجلاً، قال فيه إن “زينب طالبة الصف التاسع المتفوقة، حصلت على المرتبة الأولى في المدرسة دون أي مقومات دعم مادية أو معنوية، ونتيجة الإجهاد والدرس والتعب وبدون أي دعم غذائي، أدى إلى هبوط في الخضاب ومستوى السكر”.

وأشار المعلم أن الطالبة دخلت على إثر ذلك “في غيبوبة منذ ثلاثة أيام وهي في العناية داخل مشفى الباسل”، مناشداً المقتدرين تقديم المساعدة المادية لإنقاذها.

ونُقلت زينب، الأحد الماضي في الـ 19 من آذار الجاري،  إلى مستشفى الأسد لمتابعة وتلقي العلاج، أيضاً دون أي تحسن في وضعها الصحي.

والد زينب أوضح أنّه وفور وصولها إلى مستشفى العاصمة قاموا بإجراء كافة التحاليل والصور لتشخيص حالتها، وهي في “غيبوبة”، لكنها لم تتحسن رغم المحاولات في غرفة العناية المركزة، وفارقت الحياة.

“نحن شعب جائع”

ونعى سوريون على وسائل التواصل الفتاة، وعلّق عدد منهم “بلشنا نموت من الجوع”.

واشتكى العديد من السوريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي من سوء الوضع المعيشي وازدياد الفقر.

وفي إحدى الصفحات نشر أحدهم: “ندخل المصارف، المشافي، الجامعات، المدارس، المؤسسات، الكراجات، وحتى بالشارع لاترى إلا البؤس والفوضى ومسحة الحزن في عيون الناس الى متى سنصبر؟”.

وأضاف “نحن شعب جائع، راتب موظف بيشتري كيليين موز وكيلو بندورة وكيلو بصل وربطتين بقدونس وكم ربطة خبز…تعبنا كرهنا عيشتنا، الله يلطف فينا ويجيرنا من ثورة جياع حقيقية”.

واعتبر صاحب المنشور أن الوضع لم يعد يحتمل وخصوصاً الطبقة “التي كانت متوسطة و تعتمد على الراتب، فقد أصبحت تحت خط الفقر (…) عيب تكون دولتنا مسلخ  للفقير”.

تحذيرات من سوء التغذية

وكانت الأمم المتحدة أطلقت منتصف الشهر الجاري، تحذيرات عبر “برنامج الغذاء العالمي” تنذر بتدهور الأمن الغذائي بشكل أكبر بين السوريين اليوم، إذ يعاني حوالي 12.1 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي حالياً، أي أكثر من 50 بالمئة من السكان.

ووفق تقرير “برنامج الغذاء العالمي”، فإنّ سوء التغذية في سوريا آخذ بالارتفاع مع وصول معدلات التقزّم بين الأطفال وسوء التغذية لدى الأمهات إلى مستويات غير مسبوقة.

وأشار التقرير إلى أنّ هناك 2.9 مليون آخرين معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع.

ووفق منظمة “الصحة العالمية” يشمل سوء التغذية في جميع أشكاله نقص التغذية (الهزال والتقزّم ونقص الوزن)، ونقص الفيتامينات أو المعادن، وفرط الوزن، والسمنة، والأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي.

وتتعرض النساء والرضع والأطفال والمراهقون بصفة خاصة لمخاطر سوء التغذية، ويُعظم الفقر مخاطر الإصابة بسوء التغذية والمخاطر التي تنتج عنه.

والأشخاص الذين يعانون من الفقر أشد تعرضاً للإصابة بمختلف أشكال سوء التغذية، كما أن سوء التغذية يزيد من تكاليف الرعاية الصحية، وفق المنظمة العالمية.

ولا يغطي متوسط الأجر الشهري في سوريا حالياً إلا حوالي ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة فقط، ما يعني ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية، زاد على المصاعب لتي تركتها الحرب، الدمار الذي خلفه الزلزال شهر شباط الماضي، وفق التقرير.

ويصل متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية، نهاية شهر أيلول 2022، إلى ما يقارب الـ3.5 ملايين ليرة، بحسب دراسة نشرتها جريدة “قاسيون” التابعة لـ”حزب الإرادة الشعبية”، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه راتب الموظف السوري الـ 200 ألف ليرة سورية، وفي المتوسط الـ 150 ألف ليرة.

وتصنّف الآن سوريا من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم مع الاعتماد الشديد على الواردات الغذائية.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” حذرت في نيسان العام الفائت من تفاقم حدة سوء التغذية لدى الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك سوريا، بعد مضي ستة أسابيع على بدء الحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى تضاعف الأسعار في المنطقة.

ويصل معدل الفقر بين السوريين لأكثر من 90 بالمئة، وفق الأمم المتحدة، في ظل ارتفاع وتضاعف الأسعار في الأسواق وتراجع القدرة الشرائية للمواطن مع انهيار الليرة السورية، وزاد الأمر سوءاً الحرب الروسية منذ أكثر من عام حيث تضاعفت الأسعار بشكل كبير في الأسواق.

والد زينب أوضح أنّه وفور وصولها إلى مستشفى العاصمة قاموا بإجراء كافة التحاليل والصور لتشخيص حالتها، وهي في “غيبوبة”، لكنها لم تتحسن رغم المحاولات في غرفة العناية المركزة، وفارقت الحياة.

شاركنَ المنشور