المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟

ملف يدرس بالتحليل والإحصاءات حياة المرأة المسلمة في بلدان اللجوء الأوروبية

الباحثة: هوازن خداج 

الناشر: مركز آبحاث MENA

تاريخ النشر: 2021

اقتبسنا من الورقة البحثية:

“شكلت الهوية الدينية للمرأة المُسلمة في العالم الإسلامي جزءاً من شخصيتها الإيمانية والمجتمعية معاًـ فتقسيمات النوع الاجتماعي (الرجل/المرأة) مازالت قائمة على المميزات المتصلة بتحديد أدوارهما بناء على الأوامر العقائدية (حقوق وواجبات)، وما يرافقها من المحرّمات والتابوهات المجتمعية (العادات والتقاليد..) المتأصّلة ضمن منظومة أخلاقية تحاصر المرأة، ويتم تكوينها ضمن منظومة تربوية تتلقاها منذ بداية وعيها الأولي للاختلاف بينها وبين الذكر (يحق له ما لا يحق لها).

في النظر إلى الأبحاث المتعددة حول المرأة المُسلمة في أوروبا، فإن تشكيلها هوية دينية يخضع لثلاثة اتجاهات:
الأول: يفرض فيه على المرأة نوعاً من الاستبعاد الاجتماعي، يجعل إمكانية تكوين الهوية الفردية أكثر صعوبة لاعتبارات نفسية ومجتمعية ودينية، مرتبطة بقلة التفاعل المتحرك بين السلوكيات المحيطة وبُنى الاتصال والاستتباع (العائلة والتقاليد..) التي تحدّ من إمكانية حضور الآخر في صيرورة الهوية، لتبقى الهوية الدينية بوصفها نظاماً مكتملاً من المعاني لديهنّ هي السمة العامة، ما جعل بعضهنّ يكتسب مقاومة أقوى من التماثل مع القانون والمجتمع “الجديد”، نتيجة قناعة مترسخة بأن ما يمسّ وضعهنّ الاجتماعي “مقدس” ويضاهي انتماءهن لهوية دينية تقاوم التغريب، فرفضهنّ الاندماج يكون لحماية هويتهنّ النفسية والجسدية بما هي ملك للجماعة الدينية من التحطيم.
الثاني: تميل فيه المرأة المُسلمة لنحت هوية معاصرة، ومتماشية مع المجتمع “الغريب”، مع الحفاظ على الربط الديني الاجتماعي المتأثر ضمناً بالبيئات الأصلية، وبالشعور الذي يحملنه عن بلد الاستقبال، وبأقدمية وجودهن في هذه البلدان، وبقدرتهن الذاتية على النجاح أو الفشل فيها، وعلاقتهن الفردية بـ (التفاعل) مع المجتمع الجديد. هذه الشروط وغيرها جعلت هوية المُسلمات “قلقة ومضطربة” فمسألة “الولاء المزدوج” تحافظ على اعتبار الانتماء إلى الدين هو انتماء للتقاليد الدينية والاجتماعية المُلزمة كافة، والخروج من التقليد يماثل بشكل ما الخروج عن الدين.
الثالث: وهو الاتجاه الذي خرجت فيه النساء نحو تبنّي هوية دينية لا تعتمد التقليد والتبعية بل ترفضها، وهي مزاوجة بين الحداثي والديني، تحوّل فيها الدين إلى الفضاء الخصوصي الروحي، فاسحاً في المجال لقبول المجتمع الجديد دون اعتباره غريباً أو غربياً، فهذه المرأة باتت جزءاً من المجتمع كمواطنة مشاركة في الحياة العامة، لتبني تآلفاً بين الممكن دينياً والموجود مجتمعياً في مجتمعات علمانية، وبالتالي تردم الفجوة بين التعريفات الذاتية التقليدية للخصوصية الدينية الإسلامية، والمجتمع الأوروبي لصالح تبنّي قيم دينية ذاتية.

شاركنَ المنشور