نشرت هذه المقالة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة عام 2021 | BBC News
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، احتفلت بي بي سي بحياة ست نساء استثنائيات عبر التاريخ بتسليط الضوء على قصص حياتهن المذهلة في برنامجين إذاعيين منفصلين يقدمهما المؤرخ البريطاني غريغ جينير.
نسلط الضوء هنا على حياة أولئك النساء المليئة بالأحداث لاستخلاص العِبر والدروس من إرثهن الإيجابي الملهم.
فلورنس نايتينغل
لم تكن فلورنس نايتينغل، الممرضة الأكثر شهرة في العالم فحسب، بل كانت مسؤولة أيضاً عن تغييرات رائدة في مجال الرعاية الصحية، إذ ساهمت في تحويل التمريض إلى مهنة محترمة وحيوية نعتمد عليها كثيراً في أيامنا الراهنة.
وخلال سنوات خدمتها التي وُثقت بشكل جيد خلال حرب القرم، عاشت معاناة ضد ظروف قاهرة ومُقرفة. فقد كان مستشفى الثكنات العسكرية الذي عملت فيه، مغطى بالدماء والبول والبراز، وكان بؤرة للجرذان والفئران والقمل.
وجمعت فلورنس تبرعات مالية من أجل الحصول على الإمدادات والمعدات اللازمة، بمساهمة بعض المتبرعين بمن فيهم المؤلف تشارلز ديكنز، لخلق الظروف الصحية اللازمة قدر المستطاع.
وقد عرفت في ذلك الوقت بلقب “السيدة ذات المصباح” بسبب جولاتها الليلية المنتظمة في المستشفى.
وقدم كتابها الشهير “ملاحظات على دليل التمريض” الذي نُشر في عام 1859، إرشادات أساسية ثبت أنها كانت جوهرية للتخطيط المستقبلي للمستشفيات. وقد أنشأت في العام التالي، مدرسة “نايتينغل للتمريض”، وكانت أول مدرسة لتدريب الممرضات.
ماري سيكول
يعرف الكثير من الناس نشاطات فلورنس نايتينغل التي قامت بها خلال حرب القرم، ولكن حتى وقت قريب، لم يكن يُعرف الكثير عن نشاطات المعالجة والممرضة ماري سيكول.
بات اسم ماري مرادفاً لكلمة المثابرة، التي وواجهت ظروفا محفوفة بالمخاطر وتحيز عنصري.
وقد تعلمت ماري مهارات المعالجة التقليدية من والدتها في جامايكا، وسافرت كثيراً حول العالم وأكملت معرفتها بالطب التقليدي بأفكار طبية أوروبية.
وبعد وفاة زوجها، قامت ماري برحلة العودة إلى إنجلترا عام 1854، وطلبت من وزارة الحرب (الدفاع لاحقا) إرسالها إلى شبه جزيرة القرم، لكن الوزارة رفضت طلبها، إلا أن سيكول لم تستسلم، وتابعت رحلتها إلى شبه جزيرة القرم على نفقتها الخاصة.
وبدأت عملها في ما عرف بـ “الفندق البريطاني” القريب من خط المواجهة، وكان الجنود هناك يحبونها وأطلقوا عليها اسم “الأم سيكول”.
جوزفين بيكر
كانت الراقصة جوزفين بيكر، الأفضل أداءً والأعلى أجراً في العالم ذات يوم، لكن إرثها الحقيقي لا يتعلق بثروتها بل في دورها في قضايا تحرير المرأة والحقوق المدنية.
فقد أجبرت على العمل في سن مبكرة، بعد أن أُحرق منزل العائلة في سانت لويس في أعمال شغب عرقية في عام 1917، عندما كانت جوزفين وقتها في الحادية عشرة من عمرها.
بعد ذلك بعامين فقط، خطت جوزفين خطواتها الشجاعة الأولى نحو مهنة الرقص على المسرح. وكانت البداية في نيويورك ثم انتقلت إلى باريس.
حظي أسلوب جوزفين المفعم بالحيوية والمتحرر بالكثير من الاستحسان وتم تكريمها في فرنسا، حيث أصبحت مواطنة فرنسية.
ومع احتلال النازيين لفرنسا عام 1940، عاشت جوزفين حياة مزدوجة. وكانت لا تزال نجمة قادرة على العيش الرغيد وتحمل تكاليفه الباهظة، لكنها كانت أيضاً عضوة نشطة في المقاومة الفرنسية السرية.
وعندما عادت جوزفين إلى الولايات المتحدة، أصبحت ناشطة في مجال الحقوق المدنية علناً، وفي وقت من الأوقات، فقدت جنسيتها. لكن مكانتها المميزة جذبت إليها المعجبين بمن فيهم فيدل كاسترو وإيفا بيرون وغريس كيلي، على سبيل المثال لا الحصر.
ماري آنينغ
كانت ماري آنينغ امرأة ذكية تميزت بقوة العزيمة والإصرار، وأصبحت تُعرف باسم “أميرة علم الحفريات” وأعظم صيادة للأحفوريات (المتحجرات) عاشت على الإطلاق.
وفي يومنا هذا، تم تخليدها في فيلم “أمونيت” وقد مثلت شخصيتها في الفيلم الممثلة كيت وينسلت.
وكان مسقط رأس ماري في لايم ريجيس، مكاناً جيداً لها لتنمية اهتمامها بالجيولوجيا وعلم الحفريات، حيث كانت وما زالت منطقة غنية بالمتحجرات أو الأحفوريات.
وعندما بلغت سن الثانية عشرة في عام 1811، عثرت على أول اكتشاف كبير لها؛ وهو هيكل عظمي لإكثيوصور (مخلوق زاحف بحري منقرض عاش قبل التاريخ ويشبه الدولفين، برأس طويل مدبب وأربعة زعانف وذيل عمودي)، وكان ذلك الاكتشاف الأول من نوعه على الإطلاق.
وتبع ذلك العديد من الاكتشافات الأخرى بما في ذلك “بليزيوصور” اكتشفته في سن الـ 24، (وهو مخلوق بحري من الزواحف منقرض، عاش في حقبة ما قبل التاريخ، له جسم مسطح عريض وأطراف كبيرة تشبه المجداف، وعنق طويل ورأس صغير”.
ووضع هذا الاكتشاف ماري على لائحة الأسماء والجهات العلمية، ولكن رغم كل اكتشافاتها، لم تحصل على مكاسب مالية كبيرة بسبب طبقتها الاجتماعية وجنسها. ولم يأتِ الاعتراف المناسب باكتشافاتها إلا بعد وفاتها.
ولكن، ظل ذكرها خالدا، كما يكشف لنا فيلم “أمونيت” و قد اعترفت الجمعية الملكية للعلوم بها وبمنجزها في عام 2010.
هارييت توبمان
أصبحت هارييت توبمان، بفعل أنشطتها في الكفاح ضد العبودية وقوة عزيمتها، أيقونة للنساء السود والبيض على حد سواء.
ولدت هارييت توبمان عام 1822 في ولاية ماريلاند، وتنحدر من أسرة كبيرة ولكن تم بيع بعض إخوتها ووالدتها لمالكي عبيد مختلفين، لذلك لم تستمتع بحياة أسرية مستقرة إطلاقاً.
تمكنت هارييت من الفرار من العبودية والبدء في تنظيم أنشطة ضدها، وساعدت في إنشاء شبكات مختلفة لإلغاء الرق وتحرير ما بين 70 و 100 شخص، بمن فيهم شقيقها وأخواتها وأبناء عمومتها.
وعندما اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية، ساعدت هارييت العبيد الهاربين بتعليم عائلاتهم مهارات لاستخدامها بعد الحرب.
وكانت هارييت امرأة متعددة المواهب، وأول امرأة في التاريخ الأمريكي تقود الجنود في المعركة. ومن بين أعمالها “مداهمة كومباهي فيري” التي أسفرت عن إنقاذ 750 من العبيد السابقين.
ماري شيلي
اعتبرت رواية ماري شيلي “فرانكنشتاين” التي نشرت في عام 1818، أول قصة خيال علمي على الإطلاق.
وكانت ماري تبلغ من العمر 20 عاماً فقط عندما كتبت هذه الرواية الكلاسيكية، لكن نثرها وموضوعاتها الحكيمة كانت فعلياً نتاجاً لحياة فوضوية ومليئة بالمغامرة.
ولدت ماري شيلي عام 1797 في لندن، وكان والدها الفيلسوف ذو النزعة الفوضوية المتطرفة ويليام غودوين، ووالدتها الفيلسوفة والناشطة في مجال حقوق المرأة ماري ولستونكرافت، التي توفيت بعد فترة قصيرة من ولادتها.
وعندما كانت ماري في السادسة عشرة من عمرها. بدأت في مواعدة الشاعر الراديكالي ذو التفكير الحر والمحب للحرية، بيرسي بيش شيلي. وسرعان ما أعقب تلك العلاقة العاطفية، مساراً إبداعياً خلاقاً مشتركاً.
وبالإضافة إلى رواية فرانكنشتاين، التي حذرت من تعامل المجتمع القاسي مع المنبوذين على هامشه، كتبت ماري أيضاً عدداً من الروايات الأخرى؛ ومن بينها “الرجل الأخير” وهو عمل رؤيوي سابق لزمانه بكثير، تناولت فيه قضية الكارثة البيئية، وهو خروج كبير عن الأفكار الرومانتيكية السائدة في زمانها.