«ڤالنتاين» القامشلي: تفّاح بالقرنفل

 كارين چ.إبراهيم| صوت

«ما إن يحل شهر شباط حتى يبدأ بخلق المشاكل، ويبقى “حرداناً” حتى نهايته، ففي هذا الشهر مناسبتان: عيد ميلادي في 25، وعيد الحُب في 14»، تقول نياز برخدان (29 عاماً)، وتضيف: «أخبرته أنه مُعفى من كل الالتزامات تجاهي، لا أريد منه وردة حمراء، ولا دبدوباً، والذهب أساساً أصبح من شبه المستحيل التمكن من شرائه، فقط أريد منه ألا يكذب عليّ وأن يحبني بصدق»، ثم تواصل مازحة: «قررت شراء دب صغير أُرفق معه عبارة: إلى الدب الكبير، كفاك عبثاً بمشاعري».

حركة.. بلا بركة

يُرخي التردي الاقتصادي بظلاله على احتفالات العشّاق، والأزواج بـ«الفالنتاين» أسوة بكل مناحي الحياة في القامشلي، وسواها من المدن السورية. فيما يتكرر مثل كلّ عام سجالٌ «أبدي» بين من لا يكترث بهذا اليوم ويقلل من شأنه، وبين من يحتفي به، فضلاً عن سجال مشابه حول طرق الاحتفاء المناسبة.

تقول فاديا علي (56) عاماً «أكره محاصرة الحب ببعض الأحاديث والفرضيات الرياضية، أو تجهيز عبارات فلسفية وفكرية، أو اقتباساتٍ جاهزة من الإنترنت، وبالمحصلة يكون عبارة عن ثرثرة فارغة، في هذا اليوم يجب أن يتعانق العاشقان، ويُقبل أحدهما الآخر بعضاً بصدق وإخلاص، القصة لا تبدأ بهدية “حرزانة” كي تنتهي بقطعة ذهب أو ما شابه، أفضل هدايا الحُب أن ينعزل الزوجان عن العالم ويخطفا نفسيهما صوب العشق الأبدي، هذه أكبر الهدايا والعطايا».

مع بداية أسبوع «الفالنتاين»، لوحظت حركة نشطة في أسواق القامشلي، لكنها «حركة بلا بركة» على حد تعبير بائع الأقمشة جوان أمين (49عاماً)، الذي يضيف شارحاً: «في مثل هذه الأوقات من الأعوام الماضية كنا نبيع مئات الأمتار من القماش الأحمر أما هذا العام فلم أبع سوى 10 أمتار».

يتفق الصائغ خالد محمود (55 عاماً) مع جوان، ويضيف: «أصغر خاتم يقارب ثمنه 250 دولاراً، معظم الناس يتجهون إلى الذهب الروسي». لكن حسام رافع، الذي يبيع ما يُعرف محلياً بـ«الذهب الروسي» أو «البرازيلي» يقول: «نحن أيضاً تأثرنا بالوضع المادي، سابقاً كنا نبيع في هذه المناسبة عشرات القطع، لكن أسعار كل شيء تضاعفت وقيمة الليرة انخفضت». ويراوح سعر القطعة الواحدة من هذه الحلي المقلّدة من 6 إلى 55 دولاراً.

ورود.. وتفّاح بالقرنفل

تشكل هذه الأيام موسماً مزدهراً لـ فادية، بائعة الورود المتجولة. «أ كسب مالاً وفيراً فأعتبره احتفالي الخاص بالحب»، تقول، وتضيف: «ليس عندي حبيب ولا زوج، أعطر الورود وأنسقها، وأبيعها، في العام الماضي ربحت في يوم عيد الحب وحده 380 دولاراً، وهو أكبر مربح أجنيه من عملي». 

أما هورين شيخموس فتستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق ما تصنعه من هدايا وعلب خاصة بهذه المناسبة، مع تغليف الهدايا بطرق جذابة. تقول الشابة العشرينية: «يختلف السعر وفقاً للهدية، قد تُطلب مني حياكة لفحة، أو حتى جورب أحمر اللون، وأحياناً قطعة لانجري، أو كتابة عبارات جميلة عن الحب والحياة، وبطاقات من الورق المزخرف المرسوم عليها بعض رسومات وقلوب حمراء، أُزين العبلة بقطع الدانتيل، وأبيعها بأسعار تبدأ من 6 دولارات، وقد تصل إلى 100-». 

تعتقد هورين أن العشاق يفضلون الهدايا اليدوية الصنع لأنها «تحمل خصوصية وحميمية أكبر، خاصة تفاحة الحب»، تكون هذه التفاحة كبيرة وحمراء اللون، ويُغرس فيها عدد من حبات القرنفل لتعطي رائحة فواحة، في تقليد كردي خاص.

«رسائل الحب والحرب»

فرضت الحرب وظروفها تباعد كثير من العشاق، خاصة مع استمرار الشباب في البحث عن طرق إلى خارج البلاد.

اتفقت كلستان (27 عاماً) مع حبيبها المقيم في النمسا «على تحويل الشاشة الزرقاء إلى دفتر للحب» على حد وصفها.

تضيف قائلة: «حين قال لي لأول مرة “أحبك”، قصصتُ المحادثة وجعلتها صورة لحسابي على فايسبوك، لا نتبادل الهدايا العينية، ولم أسمح له بإرسال النقود، فهو حديث الوصول وأنا أعرف ما يعانيه اللاجئ في البدايات، سأرسل له صورة خاصة وأدون عليها عبارة: أحبك يا من أشعر أنه أنا».

شاركنَ المنشور