نساء

“ملامح التغيير صنعتها نضالات النساء”… 10 شخصيات نسائية عربية أثّرت فينا في 2022

رصيف22

“إن تحرر المرأة مرتبط بمدى استعدادها وقدرتها على تغيير الصورة التي ينظر بها الرجل إليها وإلى خصائصها الجسدية والنفسية”، هذه هي وصفة الكاتبة والمفكرة الفرنسية سيمون دي بوفوار لما ينبغي أن يكون عليه الحراك النسوي.

عربياً، تكافح الكثيرات على أصعدة عدة لأجل حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، منهن من اختارت النضال السياسي لنصرة شعبها، أو لصالح قضية بعينها، ومنهن من قررت المضي قدماً في إثبات جدارتها كامرأة في مجالات يهيمن عليها الذكور.

من هؤلاء، اختار موقع “رصيف 22” 10 شخصيات نسائية أثّرت فينا بجهودها وإنجازاتها خلال عام 2022 وساهمت في دفع النضال النسوي إلى الأمام.

1- الكاتبة والباحثة التونسية ألفة يوسف

أحدثت الكاتبة والباحثة التونسية ألفة يوسف، الشهر الفائت، جدلاً واسعاً في تونس إذ شهدت على عقد ‏قران ابنتها، فيما كانت أم الزوج الشاهدة الثانية، لتكونا بذلك أول امرأتين تشهدان على عقد زفاف تعقده مأذونة أيضاً في تونس، بعد أن توارث التونسيون والمسلمون عامةً عادة أن يشهد رجلان على عقد الزواج.

وألفة يوسف هي  كاتبة ومؤلفة وباحثة ولدت سنة 1966 بمدينة سوسة (وسط السواحل الشرقية لتونس). كما أنها أكاديمية مختصة في اللغة العربية واللسانيات.

عُرف عن أُلفة جرأة كتاباتها وطروحاتها الدينية التي طالما أضفت عليها صبغة حداثة وتناولت الموروث الديني بالتحليل والمقارنة. وكانت لها مقاربتها النقدية المميزة للفكر الإسلامي وتحليلها الخاص للتصورات غير المدروسة عن الدين والنصوص المقدسة.

وقد ساعدها اختصاصها في مجال اللغة واللّسانيات ودراستها المتعمقة للحضارة العربية في كتاباتها وأبحاثها في أمور دينية من بينها “تعدّد المعنى في القرآن”، موضوع رسالتها للدكتوراه. ومن أبرز مؤلَّفاتها في هذا السياق: “الإخبار عن المرأة في القرآن والسنة”، و”الله أعلم”، و”ناقصات عقل ودين”، و”حيرة مسلمة”. من المناصب التي شغلتها ألفة منصب مديرة المعهد العالي لإطارات الطفولة ومنصب مديرة المكتبة الوطنية التونسية.

عن جرأتها وتمردها على “العادي”، قالت ألفة يوسف لرصيف22، في تصريح حديث: “أيّ شيء جديد من الطبيعي أن يتعرض لردود أفعال سلبية حتى يتم فهمه واستيعابه وقبوله. أي فكرة جديدة أو ممارسة جديدة تؤكد مساواة المرأة مع الرجل، تلقى صدّاً من المجتمع الذكوري الذي له تقاليد معيّنة ويخلط بين التقاليد والدين والتقاليد والأخلاق. هناك أنواع من الصدمة، لكن شيئاً فشيئاً عندما تعمَّم المسألة وتكثر سيتعودها الجميع”.

2- العداءة المصرية بسنت حميدة

إنجاز رياضي غير مسبوق في تاريخ مصر حقّقته العداءة بسنت حميدة، في 30 حزيران/ يونيو 2022، بحصولها على الميدالية الذهبية لسباق 100 متر عدواً ضمن منافسات دورة ألعاب البحر المتوسط بالجزائر.

صاحبة أول ميدالية ذهبية لمصر في رياضة العدو، ابنة الـ26 عاماً، حطّمت الرقم القياسي الصامد لنحو 25 عاماً في دورة ألعاب المتوسط لدى قطعها المسافة بـ11 ثانية وعشر أجزاء من الثانية فقط.

وبسنت سليلة عائلة رياضية بامتياز، والدتها كانت بطلة أفريقيا في الجمباز، ووالدها كان بطلاً في التايكوندو، أما شقيقها، فحصل على مراكز عالمية في ألعاب القوى. وزوجها محمد عبّاس – وهو مدربها- بطل رياضي سابق أيضاً اضطر للاعتزال مبكراً بسبب الإصابة.

أما هي فبدأت مشوارها الدولي عام 2012 في بطولة الشباب العربية بعمان حيث حققت ذهبية سباق 200 متر وفضية 100 متر. في العام التالي للبطولة نفسها، فازت بذهبية 100 متر وفضية 200 متر. وتأمل بسنت في تحقيق ميدالية ذهبية في الأولمبياد القادم.

في خضم سعادة هائلة وفخر كبير بإنجازها، وإشادة بالجهد الذي بذلته لتحقيقه في بلد لا تحظى الألعاب الفردية فيه بأي دعم رسمي أو مؤسسي، برزت تعليقات مسيئة تناولت ملابس بسنت الرياضية التي وصفت بأنها “شبه عارية” و”تخالف تعاليم الإسلام”، علاوة على انتقاد مباشر للبطلة المصرية بسبب “سجودها بالكلوت” – الشورت القصير.

في تصريح تلفزيوني سابق، قالت بسنت: “اللي كان مفرحني مش بس أني أخدت ميدالية ذهبية، لأ أنا سيبت بصمة (رقم قياسي جديد) وسيبت علامة وسيبت اسم مصر هيفضل في السجلات وفي التاريخ طول دورات ألعاب البحر الأبيض المتوسط هيفضل اسمي موجود واسم مصر موجود. دا اللي كان مزود فرحتي فرحتين”.

3- نجمة التنس التونسية أنس جابر

خلال 2022، أصبحت لاعبة التنس التونسية أنس جابر (28 عاماً) أول امرأة عربية تصل إلى نصف نهائي بطولة ويمبلدون، إحدى بطولات التنس الأربع الكبرى في العالم. وبعد أشهر فقط، أصبحت أول امرأة عربية وأفريقية تصل إلى نهائي بطولات “غراند سلام” المفتوحة، وبلغت نهائي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة.

لهذا، أصبحت واحدة من تسع نساء عربيات في قائمة “بي بي سي” لأكثر 100 سيدة تأثيراً في العالم في 2022. كما استحقت أن يطلق عليها التونسيون ومشجعوها العرب لقب “وزيرة السعادة”.

بدأت أنس لعب التنس وهي طفلة لم يتجاوز عمرها الثلاثة أعوام. وانطلقت مسيرتها الاحترافية في عام 2010. ورغم أن موهبتها لاحت مبكراً جداً، وتراكمت إنجازاتها خلال السنوات الفائتة إلا أن عام 2022 كان الأهم في مسيرتها الاحترافية.

بفضل إنجازاتها الأخيرة، باتت أنس في المركز الثاني في تصنيف رابطة محترفات التنس (WTA) كأعلى تصنيف لرياضي أفريقي أو عربي، من الرجال والنساء، في اللعبة. ألهم فوز أنس بثلاثة ألقاب فردية الأجيال الجديدة من لاعبي ولاعبات التنس العرب بأن ليس هنالك مستحيل.

في تصريح حديث، قالت أنس: “الإكسبرينس (الإنجاز في ويمبلدون) هاذايا تخليني نكون أقوى ونكون جاهزة ممكن إن شالله نكسب الجراند سلام… فخورة أن كتير عرب بيعرفوني ويشوفوني يجوا يتصوروا معايا. أكيد هذا فخر لي أنا. والحقيقة نحاول نشرف العرب الكل… أمنيتي نشوف لاعبين ولاعبات أكتر في المجال، وديما نقول المستحيل مش عربي”.

4- الناشطة الفلسطينية لينا أبو عاقلة

الشابة الفلسطينية لينا أبو عاقلة هي مدافعة عن حقوق الإنسان، وابنة شقيق الصحافية الفلسطينية الراحلة شيرين أبو عاقلة، مراسلة الجزيرة التي قُتلت برصاصة إسرائيلية في الرأس، في أيار/ مايو 2022، أثناء تغطيتها حملة القوات الإسرائيلية على مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة.

منذ مقتل عمّتها، تقود لينا حملة دولية من أجل العدالة ومساءلة إسرائيل عن هذه الجريمة. ولينا واحدة من تسع نساء عربيات في قائمة بي بي سي لأكثر 100 سيدة تأثيراً في العالم في 2022.

وهي حاصلة على بكالوريوس في الدراسات السياسية والإعلامية وماجستير في الدراسات الدولية وحقوق الإنسان. وقد اختارتها مجلة التايم العريقة ضمن قائمة “تايم 100 نيكست” لعام 2022، والخاصة بالقادة الناشئين أو المستقبليين نظراً لجهودها في المطالبة بالعدالة.

عن جهودها الحقوقية، قالت لينا لـ”بي بي سي”: “نحن بحاجة إلى أن ننتقل من النقطة التي توقفت فيها عمتي شيرين أبو عاقلة، والاستمرار في إبراز وجهات نظر النساء لكي نتمكن من التأكد من أن القصص التي نرويها والمعلومات التي نجمعها عادلة ودقيقة وكاملة، وهذا غير ممكن بدون النساء”.

5- الناشطة السورية وفا مصطفى

تناضل الصحافية والناشطة السورية وفا مصطفى (33 عاماً) من أجل إطلاق سراح المعتقلين السوريين، ويتركز نشاطها الحقوقي على قضيتي الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري المتفشيتين في سوريا منذ غادرت بلدها في عام 2013 إثر اعتقال والدها، رفقة والدتها وشقيقتها. تعيش وفا راهناً  في ألمانيا كلاجئة.

ولدت وفا في بلدة مصياف بريف حماة، وعاشت أولى سنوات حياتها في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين (جنوب دمشق) لذا شكّلت القضية الفلسطينية جزءاً مهماً من هويتها وشخصيتها. لم لا وقد سُميّت على اسم وكالة أنباء فلسطين فيما أطلق عمها أسماء جنين ورفح وبيسان على بناته الثلاث.

نشأت وفا في منزل تُرفع فيه خريطة لفلسطين، ولوحة كبيرة للأقصى. كما أن والدها كان مقاتلاً مع الفدائيين على الجبهة في لبنان إبان الاجتياح الإسرائيلي في عام 1982. وكان معروفاً في المخيم باسم “أبي صامد”.

مع اندلاع الثورة السورية، انخرطت وفا في التظاهرات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد فاعتُقلت وفُصلت من جامعتها حيث كانت تدرس الصحافة على أمل أن تصبح مراسلة حربية في فلسطين بعد التخرج، وفق ما أكدت في تصريحات سابقة.

تُصر وفا على أن نشاطها الحقوقي ونضالها لأجل المعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا ليس من منطلق أنها ابنة معتقل سياسي مجهول المصير فقط.

في تصريح حديث، قالت: “أنا شخص عايش خيبة مستمرة وقد لا تنتهي. وكتير ناس كلياتنا نتشارك الهزايم والخيبات… هاي المعركة مش عادلة. أنا أتمنى لو ما كنت مضطرة أخوض هاي المعركة. أنا أتمنى لو ما كان في سجون. أنا أتمنى لو ما كان فيه معتقلات. الناس بتفكر أن أنت مناضل وقوي وشجاع ومتفائل… أنا مستنزفة وتعبانة بس لأنو عندي هاي المعركة اليومية المتعلقة بحياة أبي ما عندي ترف أني أوقف”.

6- المحامية اليمنية معين العبيدي

واحدة من النساء العربيات التسع في قائمة بي بي سي لأكثر 100 سيدة تأثيراً في العالم في 2022 هي المحامية اليمنية معين العبيدي (42 عاماً) التي تواصل محاولات بناء السلام في مدينة تعز المحاصرة مع تصاعد حدة الحرب الأهلية في اليمن هذه السنة.

معين هي امرأة ذات حضور مجتمعي قوي ولها تأثير كبير بين الناس. علماً أنها ربيت كأي فتاة ريفية عملت في غرس وحرث الأرض. لكن طموحها لم يكن محدوداً فانضمت إلى الدفعة الثانية بكلية الحقوق في مدينة تعز، وحصلت على المركز الخامس لدى تخرجها في للعام الدراسي 2003.

لعبت معين دور الوسيط في تسهيل عمليات تبادل أسرى بين الجماعات المتصارعة. حتّى في حالة عدم نجاحها في إعادة المقاتلين أحياءً إلى عائلاتهم، تستمر في العمل على إعادة جثثهم إلى ذويهم على الأقل.

ومع ازدياد معاناة سكان مدينة تعز بسبب انقطاع المياه، ساهمت معين وآخرون بدور الوساطة من أجل إعادة ضخ المياه للناس. علماً أنها اضطرت للبقاء في تعز في قلب الخطر وتركت عائلتها ومعها طفلتها الوحيدة تنتقل إلى مكان أكثر أماناً.

تطوعت معين في “اتحاد نساء اليمن” ودافعت من خلاله عن الكثير من السجينات والمعنَّفات. وأصبحت أول امرأة في مجلس نقابة المحامين عام 2010 حيث أصبحت مشرفة على لجنة حقوق الإنسان والحريات.

وفق منصة “أصوات نساء يمنيات”، فإن تجربة معين في الوساطة والمفاوضات حول عملية السلام لم تغير مسار حياتها وحسب، وإنما شكّلت أيضاً تجربة ملهمة ومشجعة لكثير من النساء اليمنيات.

قالت معين في تصريح حديث: “قضايا المرأة السجينة لم يكن يُلتفت إليها، ولكن بصفتي عضوة في فريق محاميات اتحاد نساء اليمن، كنت مهتمة بالتحرك ومتابعة قضايا السجينات تطوعاً لأنني شعرت بالمسؤولية عنهن. هؤلاء النساء ضعيفات ومهمّشات”.

7- طبيبة الأسنان المصرية جهاد حمدي

ساهم تأسيس طبيبة الأسنان المصرية جهاد حمدي لمبادرة “تكلمي” أو Speak Up، وهي مبادرة نسوية تستخدم صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي لفضح مرتكبي العنف القائم على أساس الجنس والتحرش الجنسي في البلاد، في فضح الكثير من المتحرشين ومساعدة العديد والعديد من الناجيات من العنف ضد النساء وضحاياه، وبالتالي انضمامها لقائمة بي بي سي لأكثر 100 سيدة تأثيراً في العالم في 2022.

لعبت Speak Up دوراً مهماً في كشف سلسلة من الجرائم ضد المرأة في جميع أنحاء مصر في عام 2022، وساهمت في تسليط الضوء على العنف ضد النساء بجميع أشكاله وأهمية مواجهته. تُشجع المبادرة التي أطلقتها جهاد قبل نحو عامين النساء على التحدث علناً عن الانتهاكات التي يتعرضن لها، وتوفر لهن الدعم القانوني والعاطفي والنفسي، وفق حاجتهن، علاوة على الضغط على السلطات للتحرك ضد المعتدين وإيجاد حلول جادة.

حديثاً، فازت مبادرة “Speak Up” بجائزة المساواة في الحقوق وعدم التمييز خلال منتدى العدالة العالمي 2022. في تصريح حديث لرصيف22، قالت جهاد: “نعيش في مجتمع فيه العنف ضد المرأة مؤسسي وممنهج على السواء. إنه دائم ومترسخ حتى النخاع. هناك طريق طويل يجب قطعه. لا تزال نهاية المشوار في الأفق البعيد؛ نحن بالكاد بدأنا”.

8- سائقة السباقات السعودية ريما الجفالي

دخلت الشابة السعودية ريما الجفالي (30 عاماً) التاريخ عام 2018 كأول سائقة سباقات محترفة في المملكة العربية السعودية. لكن عام 2022 شهد تأسيسها فريقها الخاص “ذيبة موتورسبورت” للمنافسة في سباقات جي تي العالمية المفتوحة، وتعزيز مشاركة السعودية في سباقات السيارات. ريما هي واحدة من تسع نساء عربيات في قائمة بي بي سي لأكثر 100 سيدة تأثيراً في العالم في 2022.

ولدت ريما في 18 كانون الثاني/ يناير عام 1992. وتسعى حالياً، من خلال فريقها، إلى توفير الفرص والبرامج التعليمية المتنوعة للشباب الراغبين في الانضمام إلى رياضات السباقات في إطار سياق أوسع لتعزيز التنوع في المشاركات الرياضية في بلدها.

وتعد ريما مثالاً يُحتذى لسائقات السباقات ليس في السعودية وحدها وإنما في العالم كله، إذ تخطط إلى تحقيق سابقة جديدة بالمشاركة في سباق “لومان 24” المرموق عبر فريقها “ذيبة موتور سبورت”.

في غضون ذلك، تُساهم ريما في تغيير الصورة النمطية للمرأة العربية والمرأة السعودية على نحو خاص بعد عقود من الانغلاق. قالت ريما لـ”بي بي سي”: “لا تزال في المجتمع صور نمطية عديدة بخصوص المرأة. يجب أن يأتي الدعم من المنزل، وكذلك من المجتمع لكي يحصل تغيير واضح ودائم”.

9- الناشطة الحقوقية والنسويّة العراقية هناء إدور

منذ عقود، تنشط هناء إدور (76 عاماً) المناضلة اليسارية العراقية في الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة في مجتمع له خصوصيته وتعقيداته التي تشكل تحديات صعبة أمام أي فكر تقدمي يتعلق بالمساواة بين الجنسين وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وكما شاركت في تأسيس المبادرة المدنية للحفاظ على الدستور في العراق، اشتُهرت بتحديها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي ومطالبته بالإفراج عن الشباب المتظاهرين الذين اعتقلوا في ساحة التحرير إبّان حكمه.

قبل أيام، تسلّمت هناء جائزة توليب لحقوق الإنسان لعام 2022، وهي جائزة سنوية تُقدم تكريماً للأفراد والمنظمات المحلية التي أظهرت التزاماً بدعم حقوق الإنسان الأساسية والدفاع عنها، من سفارة هولندا في العراق، باسم جمعية الأمل العراقية التي تقودها.

وعن نشاطها الحقوقي، تقول هناء لرصيف22: “تبلورت في وعيي مبكراً مقولة: ‘الإنسان أغلى قيمة في الوجود‘. وجدتها في تعاليم الأديان السماوية وغير السماوية، وفي نتاجات الفكر الإنساني الطوباوي والمادي. وتساءلتُ: المرأة كائن بشري، لماذا تُعامل بدرجة أو درجات أدنى من شريكها في الإنسانية؟”.

انطلاقاً من ذلك الفكر، بدأت مسيرة هناء التي تجاوزت الخمسين عاماً، تمسكت خلالها بأن تكون “مثابرة على رفع لواء الحرية، والمساواة بين الجنسين، والعدالة الاجتماعية، مؤمنة أن علينا خوض نضال مرير من أجل التغيير لتحقيق الأهداف نحو التقدم والرقي”.

تؤمن هناء أن هذا “التغيير يستلزم الوعي بالحق، وتحدي أعراف وتقاليد اجتماعية قائمة على مصادرة الحقوق. كما يحتاج إلى سياسات حكومية وتشريع قانون وآليات وموارد مالية وبشرية مؤهلة لتنفيذ القانون، ليتحول تدريجياً إلى ثقافة وسلوك عام في المجتمع”.

وتضيف: “بذلت جهدي لبناء حركة مجتمع مدني فعّالة تؤمن بعملية بناء الإنسان، وحقوق النساء جزء أساسي من حقوق الإنسان، ونحو تعزيز قدرات النساء كمواطنات في المشاركة السياسية والمجتمعية. خضنا غمار حملات مدافعة متنوعة بهذا الاتجاه. التجارب علمتنا الكثير، واستقينا منها دروساً في النجاح والفشل”.

وتتابع: “الآن، بعد مضي عقدين من الزمن، نمت الحركة وانتشر عنفوانها بين الشابات والشباب. يغمرني الفرح والقلق حين أرى الشابات يتقدمن صفوف التظاهرات في مختلف ساحات الوطن يرددن: ‘لا، لا تكول عورة… صوت المرأة فجّر ثورة‘. وتثير دهشتي حوارات الشباب العشريني عن مساواة الجندر، واندفاعهم لتشكيل سلسلة بشرية لحماية التظاهرة النسوية التي انطلقت في العديد من المحافظات في 13 شباط/ فبراير 2020. إضافة لمبادراتهم التطوعية بالتصدي لمظاهر العنف ضد النساء والفتيات، ومشاركتهم في حملات المناصرة لتشريع قانون مناهضة العنف الأسري”، تستطرد هناء.

وتختم: “إنها ملامح التغيير صنعتها نضالات النساء وقوافل المفكرين المساندين، متشابكة مع عزيمة وإصرار جيل الألفية الثانية، بهم نفتخر وبهم يزهو مستقبل العراق”.

10- الناشطة المصرية سناء سيف

حين اندلعت ثورة 25 كانون الثاني/ يناير عام 2011، كانت الناشطة المصرية سناء سيف (28 عاماً) تبلغ 17 عاماً تقريباً. مع ذلك شاركت في الثورة بقوة، كيف لا وهي تنحدر من عائلة سياسية عريقة – والدها الراحل هو المحامي والحقوقي البارز أحمد سيف، ووالدتها هي الدكتورة ليلى سويف، الأكاديمية والناشطة السياسية المعروفة، وشقيقها الأكبر هو الناشط علاء سيف، وشقيقتها الكبرى هي الباحثة والناشطة منى سيف.

منذ اندلاع ثورة يناير، سُجنت سناء ثلاث مرات. خلال الآونة الأخيرة، وعقب مغادرتها السجن للمرة الثالثة، قررت سناء الانتقال إلى بريطانيا التي تحمل جنسيتها، ومواصلة النضال من هناك وممارسة جميع الضغوط الممكنة على الحكومة البريطانية للمساهمة في إطلاق سراح شقيقها سيّما بعد دخول علاء في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على ظروف سجنه.

وحين استدعت الحاجة عودتها إلى مصر، للحديث أيضاً عن محنة شقيقها، خلال فعالية حقوقية ضمن مؤتمر المناخ كوب 27 الذي استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية، فعلت ذلك وأبهرت الجميع بجرأتها وشجاعتها.

في تصريح حديث، قالت سناء: “أنا فارق معايا أن أخويا يعيش وإن إحنا عيلتنا تتجمع في مكان أمان أياً كان نوع المخرج… هفضل أطلب أن أخويا يخرج بكل الطرق المتاحة”.

شاركنَ المنشور